إدارة المباريات الجزء الثاني
مراحل إدارة المباراة:
إدارة المباراة ليست مفهومًا يقتصر فقط على 40 دقيقة من اللعب. تبدأ المباراة منذ انتهاء المباراة السابقة وتشمل المراحل التالية.
مرحلة ما قبل المباراة:
الأسبوع الذي يسبق المباراة: يتضمن عمل المدرب خلال هذه المرحلة تقييمًا دقيقًا للخصوم المستقبليين وتخصيص جزء من التدريب لتحييد نقاط قوتهم واستغلال نقاط ضعفهم. ومع ذلك، أثناء هذا التحليل، يجب ألا يغفل عن الموارد المتاحة له: عدد اللاعبين، لياقتهم البدنية، الإصابات، إلخ. على سبيل المثال، قد يواجه خصومه القادمون صعوبة في مواجهة الفرق التي تفرض عليهم ضغطًا عالياً وعدوانيًا. ومع ذلك، إذا كان فريقه محدودًا بسبب الإصابات أو الإيقافات، فمن الأفضل تجنب هذه الإستراتيجية التي قد تكون مكلفة له. يجب على المدرب أن يقرر متى أو في أي موقف من المباراة ينبغي الضغط عالياً، ومتى يجب التراجع قليلاً وتضييق الخطوط. يمكن للمدرب أن يختار، على سبيل المثال، عدم ممارسة الضغط على الركلات من منطقة الستة أمتار أو عندما يمسك الحارس الكرة بعد تصدي، ولكن الضغط عندما يبدأ الخصم بالفعل في بناء هجومه، أو في رميات التماس أو عندما يكون اللاعب الأقل مهارة في الفريق الخصم في حوزته الكرة.
تصور مختلف المواقف التي يمكن أن تحدث أثناء المباراة واقتراح استجابة لكل منها يمكن أن يكون أداة نفسية مفيدة جدًا أثناء التحضير للمباراة. يمكن أن تشمل هذه المواقف ما يلي: الفريق الخصم يتقدم؛ نحن نتقدم؛ استبعاد أحد لاعبينا؛ استبعاد أحد لاعبيهم؛ الفريق الخصم يقوم بضغط عالي على أرض الملعب؛ الفريق الخصم يدافع من الخلف، تاركًا مساحة قليلة جدًا بين الخطوط؛ نخسر قبل دقيقتين من نهاية المباراة؛ نفوز قبل بضع دقائق من نهاية المباراة، إلخ.
قدرة التصور مفيدة جدًا. لقد أظهرت الدراسات والتجارب في علم الأعصاب أن تصور موقف معين أو حركة معينة وكذلك استجابتنا لها يؤدي إلى إنشاء دوائر عصبية مسؤولة عن اتخاذ القرارات المتعلقة بهذه الأفعال، وتبقى هذه الاستجابة محفورة في أدمغتنا على الرغم من أننا غير مدركين لذلك. عندما يحدث مثل هذا الموقف أثناء المباراة، نتخذ تلقائيًا القرار الذي تم تصوره مسبقًا دون معرفة السبب، بغض النظر عن الضغوط الحالية وعدم الاستقرار في سياق متغير باستمرار، وعلى الرغم من جميع الملاحظات والتحليلات التي يجب أن نقوم بها.
قبل المباراة: عندما تقام المباراة في فترة بعد الظهر أو في المساء، يجب على المدرب التحدث إلى الفريق في الصباح لمنح اللاعبين الوقت للتفكير واستيعاب المعلومات التي تلقوها عن خصومهم وكذلك الأهداف المحددة التي وُضعت لهم داخل الفريق.
بِالرَغمِ من أنَّها ليست قاعِدة مُطلقة، فإنَّ التوجيهات الأكاديمية لا ينبغي أن تَتَجاوَز 20 إلى 25 دقيقة. لقد أظهرت الدِّراسات أنَّ القُدرة على الانتباه والتركيز تبدأ في التَّناقص بعد هذه المُدة.
هناك طُرُق أُخرى لتنظيم الحَديث قبل المُباراة، بما في ذلك إشراك اللاعبين أو استخدام الطريقة السقراطية.
في غُرف التبديل، من المُناسب تقييم درجة التزام الفَريق كَكُل وكل لاعب على حدة مرة أُخرى، والرَد وفقاً لذلك سواء عن طريق تَحفِيزهم إذا كانوا مُسترخين جِداً، أو تَهدِئتهم إذا كانوا مُتَحمسين جِداً. من المِثالي أن يَصِلَ اللاعبون إلى مُستوى من التوتُر التنافُسي الذي لا يَمنعهم من تحليل المواقف واتِّخاذ القرارات الصحيحة في اللَّعب، ولا من السيطرة على أنفسهم.
مرحلة المباراة :
قبل كل شيء، يجب على المدرب التحكم في عواطفه
(الخوف، القلق، الرضا الذاتي، الغرور، القلق، إلخ) وتجاهل الجمهور، وسائل الإعلام والنتائج المحتملة.
يجب عليه التركيز على العمل الجاري إلى حد تجاهل الوقت والعوامل الخارجية حتى لا تعرقل سير المباراة بشكل جيد.
بمجرد إعطاء إشارة البداية، يجب عليه تقييم الخصم بسرعة للتحقق مما إذا كان العمل التحضيري الذي تم القيام به خلال الأسبوع السابق يتطابق مع ما يحدث على أرض الملعب: نوع الدفاع، التحولات، التمركز في المرحلة الهجومية، المركز الذي يشغله اللاعب المؤثر، إلخ.
يجب عليه بعد ذلك توجيه لاعبيه بناءً على ذلك، مثل لعبة الشطرنج، بهدف مواجهة الخصم والاستفادة القصوى من نقاط القوة في فريقه ونقاط الضعف في الخصم.
ومع ذلك، يجب على المدرب ألا يغفل أن المباراة تستمر 40 دقيقة وأن يفكر في كيفية التعامل مع الدقائق الحاسمة (أي الدقائق الأخيرة، التي تترك وقتًا قليلاً للتفاعل)، حتى لا يفلت منه المباراة أو لتحقيق تقدم مريح بما فيه الكفاية.
من الضروري أيضًا التفكير في الفريق نفسه واتخاذ قرارات التبديلات اللازمة (بدون أن تكون صارمة أو آلية)، وأنواع اللاعبين الذين يجب إدخالهم لتغيير الديناميكية بشكل إيجابي، واللاعبين الأنسب لبعض الأنظمة اللعب.
باختصار، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كل ما يمكن أن يضيف تنوعًا وموارد للعبنا ويسمح لنا بهزيمة الخصم مع الحفاظ على السيطرة على المباراة.
"يجب على المدرب أن يحرص على البقاء سيدًا لنفسه في الحالات غير المعتادة أو التي تثير العواطف، مثل ركلة جزاء مشكوك فيها تحتسب ضد فريقه، أو اعتداء لاعب على لاعب آخر، أو استفزاز من المدرب الخصم، أو إهانات توجهها الجمهور، وما إلى ذلك. في مثل هذه الحالات، يجب عليه تحويل انتباهه عن سبب غضبه أو قلقه. إذا كان السبب قرار الحكم، يجب على المدرب تجاهله والتفكير في المرحلة القادمة من اللعبة. إذا كان السبب المدرب الخصم، يجب عليه تجنب النظر إليه والتركيز فقط على المباراة. وإذا كان السبب الجمهور، يجب عليه توجيه طاقته كلها نحو ما يحدث على أرض الملعب وتجاهل الصيحات أو الإهانات تمامًا.
تقييم بعد المباراة:
بعد المباراة، عندما يهدأ الحماس للمباراة (في بعض الأحيان في اليوم التالي)، يجب الجلوس للتفكير في الجوانب الإيجابية والسلبية. من المهم أن ندون ملاحظات، لأن ذاكرتنا للأمور قد تكون مضللة، ويجب علينا تحليل الأخطاء التي يمكننا التعلم منها، وأيضًا النجاحات التي يمكن أن تعزز ثقتنا بأنفسنا وتعزز إيجابيًا العمل المنجز.
وأخيرًا، يجب أن يكون المدرب واقعيًا ومدركًا تمامًا لما حدث على أرض الملعب، حتى لو كان من الصعب قبوله. هذا هو السبيل الوحيد لتصحيح الأخطاء ووضع الفريق على طريق التميز. إذا كان المدرب يعيش في أوهام ويجد أعذارًا، مثل الحظ السيء، أو الحكم، أو حالة الملعب، الشيء الوحيد الذي هو مؤكد، هو أن هذه الأخطاء ستتكرر وسيكون لها عواقب أكثر خطورة بكثير."
عناصر ملموسة لتحليل مباراة:
إدارة المباراة تشمل عنصرين أساسيين:
• تحليل ما يحدث على أرض الملعب؛
• اتخاذ القرارات.
إليك قائمة ببعض الجوانب الأساسية لتحليل الخصم أثناء المباراة:
• توزيع الخصم في الهجوم والدفاع على أرض الملعب (أنظمة اللعب).
• التحركات والتفاعلات في الهجوم والدفاع (التكتيك).
• التوزيع أثناء الكرات الثابتة (ضربات الجزاء، رميات التماس، ركلات الركنية).
• احتلال المساحة (مركز متقدم، وسط الملعب، انحسار؛ مركز مفتوح أو مغلق).
• المسافة بين الخطوط.
• توازن الإجراءات.
• سرعة تدوير الكرة.
• سرعة الحركة مع وبدون الكرة.
• تكرار التغييرات والتبادلات.
• الموقف العام (عدواني، سلبي، طبيعي).
• نمط اللعب (سريع، هادئ، مباشر، غامض، إلخ).
• الروح الرياضية (تظاهر الإصابة لقضاء الوقت، لعب قاس، استفزاز، إلخ).
• الملاحظة الخاصة على لاعبي الفريق الخصم، خاصة الأكثر تأثيرًا:
• الحارس: القدرة على الانقضاض؛ إتقان اللعب بالقدم؛ مشاكل مع التسديدات الجانبية؛ الاتجاه للانقضاض بشكل منتظم عند التسديد؛ التخلص من الكرة، إلخ.
• لاعبو الميدان: يساريون أو يمينيون؛ رجل مهيمنة أو ثنائية؛ القدرة على التنبؤ أو الانتظار للتمريرة؛ القدرة على الانحسار السريع؛ المهارة في التسديد من مسافة بعيدة أو اللجوء للخداع لتمرير الكرة إلى القائم الثاني، إلخ.
القرارات المطلوبة تعتمد على جودة التحليل والموارد المتاحة.
أمثلة:
1. يتوقع المدافع المنافس التمريرات: وفي الرد عليه، يجب على المدرب محاولة وضع لاعبين في هذه المنطقة الذين لا ينتظرون الكرة ولكن يذهبون لاسترجاعها وحمايتها بأجسادهم.
2. يعرف المهاجم كيف يلعب الكرة بكلتا القدمين: يجب العثور على مدافع قادر على التأخير بدلاً من اللاعب الاستردادي. يجب على المدافع أن يثني قليلاً من ركبتيه عندما يواجه المهاجم المنافس ونقل وزن جسمه إلى أصابع قدميه بحيث يمكنه الاستجابة بسرعة مع استخدام ذراعيه لمنع المهاجم من الهروب بالكرة، مع الحرص على عدم ارتكاب أي خطأ. يمكن أن يساعده أيضًا زميل له في تأمين التغطية.
كما يمكننا ملاحظة، إن إدارة المباراة تشمل العديد من الجوانب التي يجب على المدرب أن يكون قادرًا على اتقانها وتدريبها. يجب عليه أن يسعى جاهدًا لجعل العوامل غير المتحكم فيها قابلة للتحكم، لكي يتمكن من العمل عليها في التدريب وتجهيز الفريق لها. لتحقيق ذلك، يمكن أن يعتمد على العمل التحليلي والتحضيري الذي تم خلال الأسبوع، مع الحفاظ في الاعتبار أن الوضعيات غير المتوقعة قد تحدث في أي وقت خلال المباراة.
خلال المباريات، يجب على المدرب التحكم في عواطفه بحيث يحافظ على قدرته على التحليل، وبالتالي، قدرته على اتخاذ القرارات. لا يوجد شيء أسوأ بالنسبة للمدرب من أن يكون غير قادر على التصرف. يمكن أن تؤدي الخوف والانطباع بأن الوضع خارج السيطرة إلى شعور بالذعر الذي يمكن أن يمتد بسرعة إلى الفريق. في هذه الحالة، يجب أن يأخذ نفساً عميقًا، ويسترخي، ويتوقف عن التفكير في الأفكار السلبية أو تخيل التهديدات الوهمية، وينسى العواقب المستقبلية، ويتركز على جوانب بسيطة جدًا من المباراة قبل التعامل تدريجيًا مع الجوانب الأكثر تعقيدًا للعبة. في نهاية المباراة، يجب أن يفكر في الأسباب التي تسببت في هذه الأعراض ويقوم بعمل نفسي لتجنب عودتها.